الهويات المفترسة واجب التذكر والنسيان /دراسة في الرواية العربية

Abstract

    تعدّ دراسات الذاكرة من الدراسات التي تقع في المجال البين تخصصي، وقد برزت الحاجة إليها لمعالجة التمثُّلات الحاضرة للجماعات والأمم؛ بسبب الذاكرة الجمعية للجماعات التي تقدم تصورًا حاضرًا للماضي، وموضوع الإبادة والعنف الإبادي من الموضوعات الحاضرة في واقعنا المعاصر، لذا يسعى هذا البحث لايجاد قراءة أدبية ونقدية لواجب الذاكرة عن طريق إثارة قضية العنف الإبادي في الأدب عن طريق مفهوم (الهويات المفترسة) للباحث الأنثروبولوجي(آرجون أبادوراي). والهويات المفترسة هي الهويات «التي يتطلب بناؤها وتنظيمها الاجتماعي فناء فئات اجتماعية أخرى قريبة منها، تم تحديدها على أنَّها تمثل تهديدا لوجود مجموعة (النحن)». 
  يمثل الشعور بالتهديد أولى محددات بناء الجماعة، وفي الوقت نفسه أولى بوادر طبيعتها الافتراسية، فتأكيد وجود الآخر(العدو) هو شرط لبناء الهوية عامة، والافتراسية خاصة. و يحدد (أبادوراي) شروطا لهذه الهويات، فيقول : «تتولد الهويات المفترسة بشكل دوري عن تواجد هويتين أو أكثر، لها تاريخ طويل من الاحتكاك والاندماج، وحداً معيناً من التنميط المتبادل، ويمكن أنْ يكون العنف العرضي جزءاً من هذا التاريخ، كما يمكن أنْ لا يكون كذلك، ولكن لا بد من وجود حدّ من التباين بين المجموعتين في تحديد الهوية». وتدّعي الهوية المفترسة أنَّها تمثل الأغلبية، فتتحرك لتحقيق النقاء الهوياتي بالتخلص من الهوية الأخرى المعيقة لإتمام نقائها. 
    إنَّ تحديد الطبيعة الافتراسية للهوية المشيدة يتمثل في»الظروف التي تبدو الأغلبيات والأقليات فيها مهددة بتبادل الأماكن، ويقف البحث على طريقة تذكر محددات الهوية الافتراسية لاحداث عنف تؤشرها الروايات واستعادة هذا العنف عن طريق الذاكرة. 
يخلص البحث إلى أن  مقولة الأغلبية والأقلية- التي تقوم عليها فكرة الهويات المفترسة- مشيّدة وفقا لتحولات النظام الاجتماعي والسياسي، وليست مسألة محسومة، فهي سائلة وخاضعة لإعادة التخييل والتشييد والبناء.