المقاصد الشرعية لأقضية رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في الأحوال الشخصية من خلال كتاب أقضية رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لابن الطلاع (كتاب الطلاق أنموذجا) دراسة وصفية تحليلية
Keywords:
الطلاق, العلاقات العائلیة, الحیض, النکاح, طلب الخلعAbstract
لقد حاولنا في هذه الدراسة أن نختار موضوع الطلاق في كتاب (أقضیة رسول الله) - صلى الله علیه وسلم – لمؤلفه محمد بن فرج القرطبي، الذي كتبه في القرن الخامس الهجري، لنلقي الضوء على أقضية رسول الله في أمور الطلاق على وجه الخصوص. في البدایة تحدثنا عن الحكم والمقاصد في تشريع الأحكام في الإسلام، ثم ألقينا الضوء على القضاء بصورة عامة، وقضاء رسول الله - صلى الله علیه وسلم - تحديدا، لأن في أقضيته - صلى الله علیه وسلم - مقاصد عليا وحكما جمة. ومن المعلوم أنه إذا انتفت المحبة واستحال التآلف والتعایش داخل الأسرة، فإن الطلاق سيكون هو مفتاح الحل، ولكن بعد رعاية كافة الطرق التي شرعها الإسلام، لغرض الحفاظ على آصرة الأسرة. ورغم أن الطلاق مشروع في الإسلام، ووضع کحل أثناء تأزم العلاقات العائلية، إلا أنه قد وضع شروطا وحد مراحل وحدودا لابد أن يراعيها الرجل قبل عملية الطلاق، منها – على سبيل المثال – أن لا يكون الطلاق أثناء الحيض، أو ما يسمى بالدورة الشهرية للمرأة، لكونها في حالة نفسية غير مناسبة، وهي تبتعد نوعا ما بطبيعتها عن زوجها. ومنها أنه شرع الطلاق في ثلاث مرات، كي يبقي مجالا لتفكير الزوجين بأمر الرجوع إلى عش الزوجية، فقد يندم كلاهما أو أحدهما بعد الطلاق الأول أو الثاني، ويرغبان في حل المشكلة. ولقد خیر رسول الله – بأمر من الله سبحانه – أزواجه بین أمرین: إما أن یخترن الحیاة الدنیا وزینتها، أو أن یخترن الله ورسوله والدار الآخرة، فاخترن الثاني وكونن أسعد حياة زوجية على وجه الأرض. ثم إذا تأكدت امرأة بأنها لا تتمكن من مواصلة الحياة الزوجية مع زوجها، وتبين للقاضي أنها على حق، فإن الشرع قد أعطاها حق فك النكاح بتشريع ما سمي بـ(طلب الخلع) من قبل المرأة في الشريعة الإسلامية، كحق للزوجة في فسخ النكاح. وفی بعض الحالات یحلف الزوج أن لا یقترب من امرأته، وذلک لغرض التأدیب والنصح، أو لأي غرض مشروع آخر، ولکن إن وصل هذا إلى حد الإضرار بالزوجة فهو من المحرمات المنهي عنها، وعلى الزوج – في تلك الحالة – کفارة يمينه. وكذلك إن قال لزوجه: أنت علي كظهر أمي، أو كظهر أختي، بنية إيذائها نفسيا، فإن عليه كفارة مغلظة كعقوبة لما اقترفه، كما ذكر ذلك في القرآن الكريم. کل هذه الأمور لم تشرع إلا لأجل إرساء حياة سعيدة في الأسرة، ومنعا لتشتت الأسرة وفك آصرتها التي سماها الله سبحانه بالميثاق الغليظ.